الغرفة اليهودية في متحف الباردو
يُعدّ المتحف الوطني بباردو، الواقع في تونس العاصمة، من أهم المتاحف في شمال إفريقيا، ويُعدّ ركيزة أساسية في التراث التونسي. يقع المتحف في قصر بايلي قديم يعود إلى القرن الخامس عشر، ويضم مجموعة استثنائية من الفسيفساء الرومانية، والتحف الأثرية، والفنون الإسلامية، وقطع نادرة تُجسّد التاريخ المتعدد الأوجه لتونس.
من بين قاعات المتحف، تحتل قاعة الجوديكا مكانة خاصة. وهي جزء من المعرض الدائم، وتُكرّس لحفظ وإبراز الذاكرة اليهودية في تونس وشمال إفريقيا. تحتوي القاعة على مجموعة من الأدوات الطقسية اليهودية (مثل المصابيح، والمنورة، والصناديق، والحلي)، بالإضافة إلى عدة فسيفساء رومانية تحمل رموزًا يهودية، مما يدلّ على الوجود العريق والمترسخ لليهود في هذه المنطقة.
ومن أبرز معروضات هذه القاعة لفافة توراة جاءت من ليبيا، يُعتقد أنها نُقلت سرًّا بعد أحداث “الربيع العربي” سنة 2011، في ظل ظروف من النهب وتخريب التراث في ليبيا. إن وجود هذه اللفافة في مجموعة باردو يعكس هشاشة التراث اليهودي في شمال إفريقيا، والجهود المبذولة من أجل الحفاظ عليه.
تُعدّ قاعة الجوديكا فضاءً فريدًا للذاكرة، حيث تتقاطع الأبعاد الدينية والتاريخية والهوياتية، وهي تذكير قوي بأن تاريخ تونس لا يمكن فهمه دون مكوّناته اليهودية والمسيحية والإسلامية والأمازيغية، التي تتشابك جميعًا في نسيجها الثقافي.